بحث حول الإمام مالك وموطئه .

السبت، 31 أكتوبر 2009

بسم الله الرحمن الرحيم

التّعرِيفُ بِالإِمَامِ مَالِك وَمُوَطّئِهِ:


****
الموضوع : بحث حول الإمام مالك وموطئه .

الفصل الأول: التعريف بالمؤلف :

1. اسمه ونسبه ونسبته وكنيته : هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غَيمان بن خُثَيل بن عمرو بن الحارث الأصبَحي[1] المدنيّ حليف بني تيم من قريش ،فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين .

وهو عربيّ صليبة كما قال أبو مصعب[2] وأما قول ابن إسحاق أنّه من موالي تيم فلم يتابع عليه ،قال عياض : (لم يختلف العلماء بالسير والخبر والنسب في نسب مالك هذا واتصاله بذي أصبح) ثم ذكر توهيم العلماء لابن إسحاق في ذلك .

2. مولده : بالمدينة ، قال ابن بكير : بذي المروة[3]

واختلفت الروايات في سنة مولده ويدور مجملها ما بين سنة تسعين إلى سنة ثمان وتسعين من الهجرة ،والأشهر ما قاله يحيى بن بكير أنّه سنة ثلاث وتسعين من الهجرة في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان عام موت أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو المرويّ عن مالك نفسه، قال : (ولدت سنة ثلاث وتسعين)[4]

3. نشأته العلميّة : طلب العلم وهو حدث بُعيد موت القاسم[5] ،قال الزبير : (رأيت مالكا في حلقة ربيعة وفي أذنه شنف)[6] وهذا يدل على أنّه كان صغيرا .

وقد كان مالك يبيع البز مع أخيه النضر ،ثم طلب العلم ،وكان ينزل أولا بالعقيق ،ثم نزل المدينة[7] .

وقد نشأ رحمه الله في بيت علم وأثر وكان أكثرهم عناية بالحديث عمّه نافع المكنى بأبي سهل ،وكان أخوه النضر ملازما للعلماء ،وهكذا أبوه أنس كان أحد الرواة عن الزهري ، وروى جدّه عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن غيره ،وجدّ أبيه أبو عامر كان صحابيا رضي الله عنه .

وقد كان لأمه العالية دور في توجيه ابنها لطلب العلم ،قال مالك : (كانت أمّي تعمّمني،وتقول لي :اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه) ،وقال : (قلت لأمّي أذهب فأكتب العلم؟ فقالت تعال فالبس ثياب العلم...ثمّ قالت :اذهب فاكتب الآن)[8]

فحفظ القرآن في صدر حياته ،ثم اتجه إلى حفظ الحديث ،فانقطع إلى ابن هرمز سبع سنين أو ثمان سنين لم يخلطه بغيره ،ثم أخذ عن نافع علما كثيرا [9] ثم عن الزهري ،وقد كان حريصا على التحصيل حتى أنّه روي أنّه نقض سقف بيته فباع خشبه.

بقي رحمه الله على هذا الجدّ إلى أن تصدر للفتوى فاتخذ له مجلسا في المسجد النبوي للدرس والإفتاء ،قال مالك : (ما جلست حتى شهد لي سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك)[10] ،وقيل جلس للفتوى وهو ابن الحادية والعشرين من عمره .

4. رحلاته : لا يوجد ذكر لرحلات قام بها إلى خارج الحجاز ، وقد ذكر بعض المعاصرين أنه قد رحل إلى البصرة وغيرها ،وهذا يرده أنّ أوسع ترجمة للإمام مالك و هي (ترتيب المدارك) ، وأوسع دراسة معاصرة وهي(مالك بن أنس) لأمين الخولي لم يذكر فيهما شيء من ذلك ،والله أعلم[11] .

5. أشهر شيوخه : هم كثر ومنهم الإمام نافع ،وابن هرمز ،وسعيد المقبري ،ومحمد بن المنكدر ،وعبد الله بن دينار ،والزهري ،وربيعة الرأي ،وخلق .

6. أشهر تلاميذه : لايحصون كثرة ،ومنهم وكيع بن الجراح ،وعبد الله بن وهب ،وعبد الرحمن بن القاسم ،وعبد الله بن مسلمة القعنبي ،والإمام الشافعي ،وأبو داود الطيالسي وخلق .

7. عقيدته : هو إمام من أئمة المسلمين ، وهذا شيء مستفيض مستغن عن التطويل وممّا يدل عليه

أولا : شهادة العلماء له بذلك ،قال الذهبيّ (هو شيخ الإسلام حجّة الأمّة إمام دار الهجرة)[12] ،وقال ابن المبارك : (لو قيل لي :اختر للأمّة إماما،أختار لها مالكا)

ثانيا : أقواله في السنّة شاهدة على ذلك أيضا [13]

8. حاله من حيث الجرح والتعديل : هو من أئمّة الجرح والتعديل والمتكلمين في الرجال ، قال الشافعيّ : (إذا ذكر الأثر فمالك النجم)

قال ابن حبّان : (ثم أخذ عن هؤلاء مسلك الحديث وانتقاد الرجال وحفظ السنن والقدح في الضعفاء جماعة من أئمة المسلمين والفقهاء في الدين منهم :.. ومالك بن أنس ...إلا أنّ من أشدهم انتقاء للسنن وأكثرهم مواظبة عليها ،حتى جعلوا ذلك صناعة لهم لا يشوبونها بشيء آخر ثلاثة : مالك والثوري وشعبة)[14]

9. منزلته عند العلماء : لم يجلس رحمه الله للفتيا حتى شهد له سبعون من أهل العلم بالمدينة أنّه موضع لذلك ،وقد امتلأت كتب التراجم بالروايات في الثناء عليه و بيان إمامته ومن ذلك قول الشافعيّ : (مالك بن أنس معلّمي – وفي رواية أستاذي – وما أحد أمنّ عليّ من مالك ،وعنه أخذنا العلم ،وإنّما أنا غلام من غلمان مالك) .

وقال ابن عيينة : (ما نحن عند مالك ؟ إنّما كنّا نتّبع آثار مالك) ,وقال : (ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد مالك).

وقال له ابن شهاب : (أنت من أوعية العلم) .

وقال يحيى القطان : (مالك أمير المؤمنين في الحديث)[15] .

وقال الذهبيّ : (الإمام الحافظ فقيه الأمّة شيخ الإسلام ..)[16]

10. مؤلفاته : قال القاضي عياض : (... أكثرها بأسانيد صحيحة في غير فنّ ،لكنّه لم يشتهر عنه منها ولا واظب على إسماعه وروايته غير (الموطأ) ... وسائر تواليفه إنّما رواها عنه من كتب بها إليه ،أو سأله عنها ،أو آحاد من أصحابه ،ولم تروها الكافة)[17] ، ومنها :

1) رسالته إلى ابن وهب في القدر والرد على القدرية .

2) كتابه في النّجوم وحساب مدار الزمان ومنازل القمر .

3) رسالته في الأقضية (مجلد) ،رواية محمد بن مطروح عن عبد الله بن

عبد الجليل مؤدب مالك .

4) رسالته إلى أبي غسان محمد بن مطرف في الفتوى .

5) رسالته إلى الليث في إجماع أهل المدينة - وهي مشهورة - .

6) الموطأ وهو أشهرها وأهمها .

11. محنته رحمه الله : مع بُعده رحمه الله عن الفتن نزلت به محنة في عهد أبي جعفر المنصور ،وضُرب بالسياط ،ومُدّت يده حتى انخلعت كتفاه .

واختلفوا في أسبابها على أقوال ،والمشهور أنّه كان يحدث بحديث " ليس على مستكره طلاق "[18] ،وأنّ المنصور نهاه أن يحدث به وكان هذا وقت خروج محمد بن

عبد الله النفس الزكية بالمدينة ،فدس إليه من يسأله عنه فحدّث به على رؤوس النّاس، وكان مروجو الفتن اتخذوا من هذا الحديث حجة لبطلان بيعة أبي جعفر .

وقيل إنّ الذي فعل به ذلك هو جعفر بن سليمان والي المدينة ،وربما من غير علم أبي جعفر ،وقد روي ما يدل على ذلك إن صحّ[19] .

وقيل أنه في آخر حياته رحمه الله ترك الخروج إلى المسجد بسبب ما ناله من المحنة حيث انخلعت كتفاه ، فكان يخرج منهما ريح يؤذي النّاس ،وقيل بسبب مرض أصابه وهو سلس البول ،وكان ينزه المسجد ومجالس العلم فيه عن أن يحضرها كذلك ،وكان يقول : (ما كل أحد يستطيع أن يتكلم بعذره)[20]

12. وفاته : بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة (179ه) باتفاق أهل السير ،وذلك شهر ربيع الأول ،عن بضع وثمانين سنة ،وقيل عن تسعين سنة ،ودفن بالبقيع إلى جوار قبر إبراهيم ولد النّبي صلى الله عليه وسلّم ،وقبره مشهور[21] .

الفصل الثاني: التعريف بالكتاب :

1. اسمه : (الموطأ) كذا سماه به مؤلفه فقال : (عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ)[22] ،وبهذا سماه كل من ترجم له كالقاضي عياض ،والذهبي ،والحافظ[23] ،ورضا كحالة[24] ،وغيرهم .

2. لماذا سمّي كتابه بالموطأ ؟ سمّي بذلك لأمرين :

1) لأنّه وطأ به الحديث أي يسّره للنّاس .

2) لمواطأة علماء المدينة له فيه وموافقتهم له عليه ,قال رحمه الله : (عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ)[25] .

3. سبب تأليفه : جاءت الروايات المخبرة عن طلب الخلفاء العبّاسيين منه أن يضع لهم كتابا يكون مرجعا للأحكام ودستورا تسير الأحكام به في سائر الأمصار حيث كثر الخلاف الفقهي والمذاهب المخالفة للدولة العبّاسية وبه يقوى الظّن أنّ الموطأ بدأ تصنيفه في عهد الخليفة المنصور العبّاسي وأنّه تمّ في عهد الخليفة المهدي (ت 169ه).

4. موضوعه : اشتمل على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم ،وأقوال الصحابة رضي الله عنهم ،وفتاوى التابعين ،كل ذلك على الأبواب . وإلى جانب ذلك وبعده غالبا فتاوى مالك فيما سئل عنه ،وقوله فيما يفهم من الحديث ،وما يعلّق به على المنقول من القول أو الفعل ،وأحبّ ما يكون من ذلك إليه ،وأعجبه عنده ,وأحسنه لديه من أشباه هذه العبارات .

5. توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف : نسبته إليه ثابتة من غير شك ،وهذا أمر مستفيض مستغن عن إقامة البرهان ،وممّا يدل على ذلك أنّ كل من ترجم له نسبه إليه ،ولم يطعن أحد في صحّة هذه النسبة ،وممن نسبه إليه القاضي عياض ،والذهبي ،وعمر رضا كحالة ،في ترجمة مالك ،وذكره الحافظ ابن حجر في ضمن مسموعاته[26]، وغيرهم ،وذلك يتبيّن من خلال النقول المتكاثرة عنه في كتب التخاريج وغيرها ،وأيضا الكتب التي عملت على الموطأ كالتمهيد وغيره.

6. مصادر الكتاب : مصدره الرواية .

7. منزلته بين دواوين السنّة : لا شك أنّه من كتب الإسلام العظيمة التي عمّ نفعها لحسن تأليفه وانتقاء أحاديثه ،قال الشافعيّ رحمه الله : (ما كتاب بعد كتاب الله عزّ وجلّ أنفع من موطأ مالك بن أنس)[27] ،وفي رواية (أصحّ)[28] ،وقال ابن عبد البّر : (الموطأ لا مثيل له ولا كتاب فوقه بعد كتاب الله تعالى عزّ وجلّ)[29] .

والقول المتقدم عن الشافعي رحمه الله لا يعارض ما اتفق عليه العلماء من أنّ أصحّ كتاب بعد كتاب الله صحيحا البخاري ومسلم ،وذلك لأمور :

1) أنّ كلامه رحمه الله كان قبل وجود الصحيحين .

2) أنّ جلّ ما فيه مخرّج فيهما ،وما بقي منه ففي السنن الأربعة .

وقد قدمه بعض المالكيّة على الصحيحين ،فقال ابن العربي : (كتاب الجعفي– أي البخاري – هو الأصل الثاني في هذا الباب ،والموطأ هو الأول واللباب ،وعليهما بناء الجميع كالقشيري والترمذي فما دونهما)[30] .

لكن الراجح لدى الجمهور أنّ مرتبة الموطأ تأتي بعد الصحيحين والله أعلم ،لما فيه من المراسيل والمنقطعات .

وقد عدّه بعض العلماء سادس الكتب الستة ،ومنهم رَزين بن معاوية السرقسطي في كتابه (الجمع بين الكتب الستة) ،والمجد بن الأثير في كتابه (جامع الأصول) .

8. عدد أحاديثه : اختلف في ذلك لاختلاف الروايات ،قال العلائي : (روى الموطأ عن مالك جماعات كثيرة ،وبين رواياتهم اختلاف من تقديم وتأخير وزيادة ونقص..)[31] ،وقد بلغ عددها في رواية يحيى عنه (853ح)[32] .وقال أبو بكر الأبهري: (جملة ما في الموطأ من الآثار عن النّبي صلىى الله عليه وسلّم ،وعن الصحابة ، والتابعين (1720ح) ،المسند منها (600ح) ،والمرسل (222) ،والموقوف (613) ،ومن قول التابعين (285))[33] .

وفي سبب اختلاف الروايات في عدد الأحاديث قال سليمان بن بلال : (لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث -أو قال أكثر- ،فمات وهي ألف حديث ونيّف يخلصها عاما عاما بقدر ما يرى أنّه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين)[34] ,وقد مكث مالك رحمه الله في تصنيفه وتهذيبه أربعين عاما .

9. درجة أحاديثه : تقدم معنا قول الشافعي رحمه الله (ما في الأرض بعد كتاب الله أصحّ من موطأ مالك بن أنس) وتقدم أيضا توجيه هذا النص ،وقد أطلق مغلطاي عليه وصف الصحّة فقال : (أول من صنّف في الصحيح مالك)[35] ،وقال القاضي عياض : (فإن الموافق والمخالف اجتمع على تقديره وفضله وتقديم حديثه وتصحيحه)[36] .

وقد ذهب إلى القول بأن كل ما في الموطأ صحيح جمع من الأئمة في المشرق والمغرب وقد أشار إلى ذلك ابن الصلاح وابن حجر في آخر باب الصحيح من أنواع علوم الحديث .

هذا وقد ذهب ابن حزم (مراتب الديانة) إلى أنّ فيه أحاديث ضعيفة وهّاها جمهور العلماء .وعلّه أراد والله أعلم ما فيه من البلاغات والمنقطعات ونحو ذلك ,فأما بلاغاته فقد وصلها كلها ابن عبد البر في (التجريد) إلى أربعة أحاديث .

وقد تعقّب اللكنوي ابن حزم بقوله : (مراده بالضعف,الضعف اليسير ,كما يعلم مما قد مرّ،وليس فيه حديث ساقط،ولا موضوع،كما لا يخفا على الماهر)[37] .

وعلى أيّ فالأمر كما قال الحافظ ابن حجر : (والحاصل .. أنّ أول من صنف في الصحيح يصدق على مالك باعتبار انتقائه وانتقاده للرجال, فكتابه من أصح الكتب المصنّفة في هذا الفن من أهل عصره وما قاربه.. فكتابه صحيح عنده وعند من تبعه ممن يحتج بالمرسل والموقوف، وأما أول من صنّف في الصحيح المعتبر عند أئمة الحديث الموصوف بالاتصال وغير ذلك من الأوصاف فأول من جمعه البخاري ثمّ مسلم كما جزم به ابن الصلاح)[38]

10. شرطه في كتابه : لم يصرح بأن شرطه في كتابه كذا وكذا ،ولكن لا شك أنّه

رحمه الله انتقى أحاديث كتابه ،وقد جاء أنّه انتخبه من مائة ألف حديث[39] .

وقد جاءت عدّة روايات بأنّه كان عند طلبه للحديث اشترط لذلك شروطا ومن ذلك

1) عدم تلقي الحديث إلى من أهله ؛ قال ابن أبي أويس سمعت خالي مالك بن

أنس يقول : (لقد أدركت سبعين ممّن يحدث.. فما أخذت عنهم شيئا ،وإنّ أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان أمينا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن..)[40] .

2) عدم تلقي الحديث من سفيه ،أو كذاب ،أو صاحب هوى داع إليه ؛ قال مالك : (لا يؤخذ العلم من أربعة ،ويؤخذ من سوى ذلك : لا يؤخذ من سفيه، ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو النّاس إلى هواه ،ولا من كذاب يكذب في أحاديث النّاس ،وإن كان لا يتهم على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم،ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث)[41] .

وقال أحمد بن صالح : (ما أعلم أحدا أشدّ تنقّيا للرّجال والعلماء من مالك ،ما أعلم روى عن أحد فيه شيء ،روى عن قوم ليس يترك منهم أحد)[42] .

وقال بشر بن عمر : سألت مالك بن أنس عن رجل فقال : هل رأيته في كتبي؟ قلت : لا . قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي[43] .

وقال ابن عيينة : ( كان مالك .. ولا يحدّث إلا عن ثقة )[44] ،وقال الشافعي : (كان مالك إذا شك في الحديث طرحه كلّه)[45]

11. منهجه فيه :

1) . جعله على الكتب والأبواب – على أبواب الفقه - .

2) يسند ما يرويه حينا ويرسل أخرى ..

3) يبدأ بالمرفوع غالبا ثم يتبعه بالآثار ثمّ يعلق عليه .

4) توخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز .

5) لم يقتصر فيه على المرفوع بل ضمّ إليه المقطوعات والمراسيل والبلاغات .

6) يذكر أحيانا آرائه الفقهية الخاصة به ،وربّما بيّن ما عليه العمل ،أو الأمر المجمع عليه عندهم ،أو ما أدرك عليه أهل العلم .

7) مزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم.

8) قال بأنّه يقصد بالألفاظ الآتية ما يلي ؛

(الأمر المجمع عليه) : ما اجتمع عليه قول أهل الفقه والعلم ولم يختلفوا فيه .

(الأمر عندنا) : ما عمل الناس به عندنا ،وجرت به الأحكام ،وعرفه الجاهل والعالم . ومثله (ببلدنا) .

(بعض أهل العلم) : هو شيء استحسنته من قول العلماء .[46]

12. رواة الموطأ : قال أبو العبّاس الداني في (الإيماء) أنّ رواته لا يحصون ،وقد خصّهم عدد من العلماء بالتأليف منهم ابن ناصر الدين الدّمشقي وقد بلغ بهم (79) قال : (إلا من ذكرهم القاضي عياض في (ترتيب المدارك))[47] ،ومنهم ؛ عبد الله بن وهب ، وعبد الرحمن بن القاسم ،وعبد الله بن مسلمة القعنبي ،وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ،يحيى بن يحيى الأندلسي ،وخلق .

وأكثر هذه الروايات زيادة رواية أبي مصعب ،قال ابن حزم بنحو مائة حديث .[48] وآخر رواة الموطأ موتا أبو حذافة السهمي[49] ، وعبد الله بن يوسف التنيسي من أثبت النّاس في الموطأ[50] ،وأمّا رواية يحيى الليثي فهي أوعبها ، وهي التي اعتمدها النّاس وشرحوها ،قال الكتّاني : (وإذا أطلق في هذه الأعصار موطأ مالك فإنّما ينصرف لها)[51] ،وقد سمع يحيى من مالك في أواخر حياته[52] ,وله فوت في أبواب من كتاب الاعتكاف شك في سماعها من مالك فأثبتها من سماعه لها من زياد بن عبد الرحمن شبطون عن مالك[53].

بعض ما قيل في هؤلاء الرواة من جرح أو تعديل :

1) يحيى بن يحيى الليثي : كان ثقة عاقلا[54] ،لكن قال ابن عبد البر : (ولم يكن له بصر بالحديث)[55] ،قال الذهبي : (نعم ما كان من فرسان هذا الشأن،بل كان متوسطا فيه رحمه الله)[56] ,ولذا وقع له بعض الوهم في روايته نبّه عليه ابن عبد البر ،وأبو العبّاس الداني ،وغيرهما[57] .

2) وباقي الرواة المذكورين آنفا ثقات غير أبي مصب الزهري فهو (صدوق) ، أخرج له الشيخان .

13. عناية العلماء بالموطأ : قال القاضي عياض : (لم يعتن بكتاب من كتب الحديث والعلم اعتناء النّاس بالموطأ..فأما من اعتنى بالكلام على رجاله وحديثه والتصنيف في ذلك فعدد كثير من المالكيين وغيرهم)[58] وهكذا تعددت أوجه العناية به ،فمن شارح له ،ومن مصنف في رجاله ،ومن مرتب له على المسانيد ،وعلى الأطراف ،أو مفتش عن غريبه ومشكل معانيه .

· من شروحه[59] :

أ‌- (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد) لابن عبد البر(463ه) .

ب‌- (الاستذكار لما في الموطأ من المعاني والآثار) له .

ت‌- (المنتقى في شرح موطأ إمام دار الهجرة) لأبي الوليد الباجي(474ه)

· وممن جعله على الأطراف : أبو العبّاس الداني في (كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ) .

· وممن اختصره : أبو الحسن القابسي في (مختصر موطأ الإمام مالك) .

· وفي غريب ألفاظه : ( تفسير غريب الموطأ) لعبد الملك بن حبيب .

· وفي رواياته : (اختلاف الموطآت) للدارقطني .

· وفي رجاله : (إتحاف السالك) لابن ناصر الدين الدمشقي،(إسعاف المبطأ برجال الموطأ) للسيوطي .

إلي غير ذلك من أوجه العناية به مما يصعب حصره .


هذا الله أعلم وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم .



إعدادالطالب: يونس بن محمدالوالدي


******
[1] بفتح الألف وسكون الصاد المهملة وفتح الباء المنقوطة وآخرها حاء مهملة نسبة إلى أصبح قبيلة من حمير وحمير من قحطان (الأنساب) للسمعاني(1/287).

[2] ترتيب المدارك (1/107،106) .

[3] المصدر نفسه (1/124)

[4] تذكرة الحفاظ (1/212) .

[5] السير (8/49) .

[6] ترتيب المدارك (1/121)،والشنف :ما يعلّق في أعلى الأذن (النهاية)(2/505) .

[7] المصدر نفسه (1/124).

[8] ترتيب المدارك (1/121).

[9] المصدر نفسه (1/132).

[10] المصدر نفسه (1/142).

[11] انظر (منهج الإمام مالك رحمه الله في إثبات العقيدة) للدعجان(ص: 28) .

[12] السير (8/48) .

[13] انظر طرفا منها في (السير 8/98) فما بعدها .

[14] مقدمة المجروحين (1/39) .

[15] انظر هذه الأقوال في ترتيب المدارك (2/148-162)

[16] تذكرة الحفاظ (1/207)

[17] ترتيب المدارك (2/90) .

[18] السير (8/79-81) ،جاء موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما .

[19] ترتيب المدارك (2/131-132) .

[20] ترتيب المدارك (2/55) .

[21] المصدر نفسه (2/146) .

[22] تنوير الحوالك (ص: 9) .

[23] المعجم المؤسس (1/106)

[24] معجم المؤلفين (3/9) .

[25] تنوير الحوالك (ص: 9) .

[26] المعجم المؤسس (1/106) .

[27] التمهيد (1/76-79) .

[28] علوم الحديث (ص: 14).

[29] التقصي (ص: 9) .

[30] العارضة (1/5) .

[31] تنوير الحوالك (1/9) .

[32] تجريد التمهيد (ص: 258) .

[33] تنوير الحوالك (ص: 8) .

[34] ترتيب المدارك (1/193) .

[35] تنوير الحوالك (1/8) .

[36] ترتيب المدارك (1/198) .

[37] الأجوبة الفاضلة (ص: 47) .

[38] النكت (1/278-279) .

[39] تنوير الحوالك (ص: 8) .

[40] المحدث الفاصل (414-416) .

[41] التمهيد (1/66-67) .

[42] (الإرشاد) للخليليي (1/210-212) .

[43] المحدث الفاصل (ص: 410) .

[44] ترتيب المدارك (1/150) .

[45] التمهيد (1/63) .

[46] ترتيب المدارك (2/74) .

[47] نقلا من مقدمة الدكتور محمد ولد كريم لتحقيقه لكتاب (القبس) لابن العربي (1/58) .

[48] تنوير الحوالك (1/9) .

[49] السير (8/54) .

[50] التقريب (ص: 330) .

[51] الرسالة المستطرفة (13-14) ، وقد أفردت روايته بدراسات منها (يحيى بن يحيى الليثي وروايته للموطأ) لمحمد شرحبيلي

- رسالة ماجستير بالقرويين -

[52] (تاريخ علماء الأندلس)لابن الفرضي (2/176) .

[53] إتحاف السالك (ص: 137) .

[54] (الانتقاء)لابن عبد البر(ص: 109) ،و(الإرشاد) (1/265) .

[55] المصدر نفسه.

[56] السير (10/523) .

[57] (أخبار الفقهاء والمحدثين)للخشني (349-358) .

[58] ترتيب المدارك (1/198) .

[59] انظر مقدمة تحقيق (تفسير غريب الموطأ) لعبد الرحمن العثيمين (1/150)،فقد ذكر فيه (130) شرحا وقد تجوّز في تسمية بعضها شرحا .
...تابع القراءة